!هل تعلم يا يوسف ؟
أن حامل البوق اقترب من النفخ
تتناثر الحروف كالفراش المبثوث
الصمت يُثقل القلب ويُتعبه
، يا يوسف
إذكرني عند ربكَ في المنام
قل له أني أريد الذئب لا البئر
، يا يوسف
عليك السلام ومنك أيضا
أنا من أخفيت غطاء الخنجر
ضعه في صدري كي لا يصدأ
أنت تعلم أني لا أحب الإنتظار
ضعه وارحل بعيداً
لا خوفا ولا جبناً
. لكن كي أنادي عليك
، يا يوسف
هذا الإسم ثقيلٌ في النطق
لما يحملُ من أسرار
دعني أُنادي عليكَ بالإشارة
كل الأصدقاء ذهبوا
فلا تتركني للتوسل
ضعه قبل أن ترحل أنت أيضاً
دع الدم ينفجر ، منتشياً
بالإنتصار علي سطوة الجسد
لا تحرمني من هذه اللذة
، يا يوسف
أنا أضعف من الإنتحار
وأنتَ أرق من الموت
هل تعلم
!أن زليخة راودتني ؟
قدت القلب من الخلف
فانسكب النخاع
، يا يوسف
لم أقل معاذ الله
تركت الجسد يأكل في الجسد
أقسم بالله العلى العليم
أن الحريق لم يشب
لم أدخل السجن
لكن سجنت كل من أعرف
أُفسر الواقع كأنه حلم
وأحلم أني مازلت سليم
فهل أنا كذلك يا يوسف؟
....
نعم ، أنا قلت كذلك أيضاً
فالنقاط أكثر ما يعبر عني
متصلة منفصلة كالدرج
، يا يوسف
!متى ستؤثر الخمر فينا ؟
نغيب عن الوعي
تدق وشمٌ على ظهرك
"بحيرة وكلب يلهث من العطش"
أكتب على كتفي الأيمن
لماذا" ... وكفى"
ارسم على الأيسر
زجاجة بيرة مثقوبة من أسفل
كحقيبة الأحلام
أضحك حتى تدمع عيناى
كلما تذكرت يوم ما جئت لي
تلعن الحياة و تسب للمجهول
أقنعتكُ وقتها أني قادراً على بعث البهجة
قفزت من مقعدي
دسست يدي في صدري
قاذفاً قلبي عليك
اكتسى وجهك بالضحكة الصبيانية
"وأنت تردد "مجنون أنت مجنون
ضحكنا حتى نسينا أين وضعنا القلب
واكتفينا ببعض الزهور نفاذة الرائحة
، يا يوسف
!دلني لماذا نحن هنا ؟
ليست هنا المجازية خيالية المعنى
ولكن هنا الواقعية
هذا المكان المكتظ بالفراغ
تخيل معي أننا رحلنا صغارا
لا نكترث بالحقيقة
ولا نلاحظ خفة الزمن في الدوران
لا لا ، تخيل معي
أننا لم يكن في وسعنا التخيل
كذبنا حين قولنا أننا لم نعد نندهش
ولا يحركنا الحنين
، يا يوسف
أصحبنا قادرين على التمهل
نحترم ما وصلنا إليه
نتحرك خلف الستار متعجلين
ليظهر ظلنا ، بطيئاً
رزيناً متحجر المسام
، يا يوسف
أصبحنا أكثر خبثاً و أقل تماسكاً
يا يوسف
!لماذا وصلت الأمور لهذا السوء ؟
أُقسم لك بمواقع الأمور وبطون القلوب
أن كل ما في الأمر
عدة رسائل
لم يأتني ردٌ عليها
فظننت أنه نائماً أو يفكر
و ربما لا يقدر على الحديث الآن
تركته من باب عدم الإحراج
فعاقبني بالرحيل
دون أن يسمع أو يقول
تركني في نصف المسافة
تركني أتأرجح بين نهدين
لأعيش سقيماً حتى الموت
، يا يوسف
أوصيك أن لا أُدفن
ولا أُحرق
بل إترك الجسد كما هو على المقهى
إهمس للعاملين أني متعب قليلا
فلا داعي للتشاجر و المزاح اليوم
إعتذر للأصدقاء العابرين
أني لم أُلق عليهم السلام
اتركني هكذا عبرة
لمن تسول له نفسه
وأراد أن يكون مباحا طوال الوقت
لينتهكه كل العابرين والجالسين
، يا يوسف
عليك السلام ومنك أيضاً