بشرت العرافة البدوية عندما قرأتني بأني سوف أموت ميتة عظيمة - دون حبيبة - تتحدث عنها قريتي ، وأن دمي الذي تعوي بداخله ذئاب البراري سيغطي وجه الأسفلت في ليل بارد ..
فلم أعر روحي طويلا للمرأة التي تشبه سورة من القرآن ويحبها الجميع ، فأنا من يكسر كل القواعد والقوانين ويتطاول على الله ويحبه الجميع أيضا ، أدركـتُ بيقين العاصي أن كلانا سيموت دون تلاقي بداء كثرة الاستهلاك الانساني ودرّبت القلب على اقتلاع الذكريات طويلة المدى.
أذهب للعمل ، ألتقي زملائي ، نتبادل أطراف الحديث ،
أستمع لمايكل الطبيب الجديد الذي يهاجمه الجميع لتحيزه للعسكر ..
أعيره الكثير من الانتباه ، يحكي عن استيقاظه يوم 29 يناير 2011 على حريق محلات شبرا وروض الفرج دون أن يفهم السبب فلم يكن مهتما بالشأن السياسي وانخراطه كمجند في الجيش وماتبعه من منشورات قناة الفراعين وتوجيهات الشئون المعنوية ، واختيار الرب له بالتواجد بقوات المظلات أمام مجلس الوزراء لحظة العبايه كباسين التاريخية كانا كفيلين بما أراه أمامي من شعر قصير وطيبة بالغة تصل للعبودية وخشية كل ماهو عبثي ومختلف ولم يأت بالأمر المباشر.
يتطاول عليه فتحي الذي ظل ستة أشهر في الجبس إثر أحداث محمد محمود ، يتدخل حسونه أن حمدين
صباحي سيكون الحل الجذري ، يؤكد عطيه على جنسية أم أبو اسماعيل لصلة القرابة بينهما ، أكتفي بوضع دبوس لأبو الفتوح على صدري دون حماس فاعل للمشاركة في الحملة .. تنتشر في الأجواء متلازمة سب الاخوان.
نتناول الافطار كل على حدى ربما نلتقي بالأعين لحظة وضع اليد في علبة المخلل المشتركة فقط ..
أستغرق في كلام مايكل عن صناعة التجربة للانسان لا صنع الانسان لها ، فربما لو لم يخترني الله للتحرير لكنت مسخا آخر ..
يدخل مديرنا العاشق لبلوفر أحمد شفيق ولغد عمرو موسى ليطلب أحدنا أن يرافق حالة ستذهب لعمل أشعة بالصبغة خارج المستشفى ، أوافق على الفور هربا.
يخبروني أن مركز الأشعة في مكان يدعى أبو قتاته .. نستقل الاسعاف .
أعلم أن المريضة بحالة متأخرة ولاجدوى مما نقوم به سوى الروتين حتى لا يشكو أهلها أي تقصير،
مصداقا لمقولة مديري الخالدة " موِّت العيان صح ع الورق " .
يأتي أحد عمال المركز للاسعاف ليخبرني أن المريضة لابد أن تكون على كرسي متحرك لأن الاسانسير صغير .. أشتمه بالأم متعجبا كيف سأضع مريض متخشب ممدد بنزيف في المخ ليجلس.
يتركني .. ينظر لي أهل المريضة بيأس.
أحاول أن أجد حلا بمفردي، يتناوبني بالنظر كل قائدي السيارات والمارة ،
أسمع صوتا عال من بعيد " يلعن دين أبوكو يلعن دين أبوكو كلكوووو ".
ألتفت لأجده منكوش الشعر متسخا يقبل عليّ ، أعطيه البالطو . يرتديه . يصر على أخذ السماعة .
يحتضنني لأنفطر ضاحكا ..
يصر على السير جواري يدا بيد مع الحالة إلى الأسانسير ، يبتعد كل من يرانا.
يخرج سيجاره لي ، أقنعه أننا سندخن بالأسفل ، يقبل بهذا شريطة أن أجلس معه .
تموت المريضة لتنهي مهمتي ..
. أنزل مع المجذوب الطبيب ننظم المرور .. نجلس على الرصيف .. نصيح سويا " دين أبوككوووووو "