مَعْشُوقةُ
هذا البَحرُ الغَاضِبُ
« نُوُنْ »
تَنْهضُ مِنْ رَقْدَتِها
لتُرَاقِصُ أشْبَاحَ العُشّاقْ
وتُؤْنِسُهُم تَحْتَ مِظَلاتِ القِرْمِيدِ
فِي سُخْطِ نَهَارٍ قَائِظْ
بِجَحِيمِ عِنَاقْ
تَكْحَلُ أَعْيُنَهُم بِالسَّهَرِ
وَبِالسّيْفِ المَسْنُونْ
فّتَنْغَرِسُ الحُرْقَةُ
فِي الأَعْمَاقْ
« نُوُنْ »
مُعْجِزةٌ صَلّى الذّئْبُ عَلَيْهَا
وَضَحِكَ الحُزْنُ
وانْهَارَ الجَبَلُ
فِي زَمَنٍ لَا يَعْرِفُ إِلّا مَا تَنْهَارُ
مِنْ أَسْهُمِ بُورَصَاتِ العَالَمِ
فِي أَوْجِ الضّحِكِ المَجْنُونْ
« نُوُنْ »
تَرْحَلُ فِي الصّيْفِ
وَتُخَبّئُ ظِلِّي بَيْنَ مَلَابِسْهَا
وَتَقُوُلْ:
إَنْ كُنْتَ تُرِيِدَ الْحُبَّ
فَأَنَا لَا أَمْلُكُ مِنْهُ
إِلّا شَمْسِ شِتَاءِك
إِنْ كُنْتَ تُرِيِدَ الدّهْشَةْ
فَاحْرِقْ هَذَا العَالَمَ
وَاتْبَعْنِي
إِنّي أُطْلِعُكَ عَلَى أَسْرَارٍ
لَا يَعْلَمْهَا إِلّا الله
وَسَلَاطِيِن العِشْقِ
المَذْبُوحونْ بِأمرِ الله
« نُوُنْ »
هَلْ كَاَنَ اللّيْلُ
يَبُوُحُ بِسرِ النُوُنِ إِلَى العَتْمَةِ
فِي مَلَكُوُتِ رِضَابِكْ؟
هَلْ أَسْرَجْتِ صَهِيِلَ الذّكْرَى
فِي عَيْنَيْكْ؟
هَلْ مَازَالَ القَمَرُ
يُقِيِمُ صَلَاةَ حِرَاسَتِه
عَلَى أَبْوَابِكْ؟
هَلْ مَازِلْتِ تَقْتَصّيِنَ بِدَمْعِكِ مِنّي
إِنْ قَبّلتُ اِمْرَأَةً غَيْرَكِ؟
هَلْ مَازَالَتْ فِي ذَاكِرَتِكْ
بَصْمَةُ نَفَسِي فَوْقَ سَحَابِكْ؟
هَلْ مَازِلتِ تَحْتَفِظِينَ
بِطَعْمِ لِسَانِي فِي شَفَتَيْكِ؟
هَلْ ظَلَّ لِسَانِي يَتَكَلّمُ
وَتُحِبّيِنَ كَلَامَه
حِينَ يُرَتّلُ وِرْدَ الشّكْوَى
فِي أَوْجِ عِتَابِكْ؟
مَشْنُوقًا جِئْتُ
وَحَبْلُ وِصَالِك يَنْحَرُ عُنُقِي
أَوْدَعْتُكِ ظِلّي
وَكَتَبْتُ عَلَيْه لأَجْلِكِ
عَشْرَ قَصَائِدْ
وَتَشَرّدتُ وَحِيدًا
خَائِفْ
مِنْ ظِلِّك
أَقْضُمُ غَيْمَاتٍ لَا تَرْوِي فِيّ
العَطَشَ الصَائِفْ
صَيْفُكِ مُوحِشُ يًا « نُوُنْ »
وَشِتَاءُكِ أَبْعَدُ عَنّي مِنّي
وَالعَسَسُ انْعَقَدُوا حَوْلَ سِيَاجِكْ
قُطّاعَ طَرِيِقٍ
وَصَيَارِفْ
يَطْهُونَ جِرَاحِي بِنَذَالَتِهم
وَيَفُضّوُنَ بَكَارةَ أَحْلَامِي
فَلمَاذَا غَلّقْتِ الأَبْوَابَ عَلَى جَفْنَيّ
وَتنَاسَيْتِ أُلُوهِيَتَكِ
وَرَضِيِتِ بِدَوْرِ مَلَاكٍ
يَتَلَظّىَ فِي رِيِشِ زَائِفْ؟!