وسَارَت الحَافِلَةُ . .
فادي قدسي
اكتمل رُكابُها
تحركت الحافلة
صعدتُ متأخراً
ليس بطبعي التأخر
لَكِن عجلة الحياة أتوه فيها
وتتوه داخلي أفكاري.
***
أَقِفُ . . أراقِبُ وجُوه الراكبين
كان من الممكن أن تكون أنفي معقوفة
مثل ذَلِكَ الرَجُل الجالس بجوار النافذة
تَتلَصّصُ عيونه عَلَى سَاقِ سَيدةٍ
تَجَسَّدَ امتِلاؤه في تنورتها الضيقة
تُحَادِثُ ابنَها
تَبتَسم تَارَة بشفاهٍ لَم يَكتَمِلْ المَاكيَاج عليها . .
وتارة تَشرُدُ بعيونِها الغَارِقَةِ في الكُحلِ ..
***
الهَوَاءُ السَابِحُ في الحَافِلةِ . . يَعبَثُ بذَقنِ الشَّيخِ البَيضَاءِ
تَطيرُ عَمَامَتُه . . تَسقُط بجَانَبِ كعبها العالي الذي يشد ساقها
وجَسَدُها يَقفُ في شموخ
بنهدها المتكابر . .
***
يَنهَضُ الشَابُ المُلتَحي مِن كُرسِيهِ
يمسك بيد عجوز . . يُجلسها مكانه
في ملامحها . . رَسَمَ الزَمنُ خَريطَةَ شَقَائِها
تُلقي بنَظرَاتِها مِن الشبَاكِ وتُغمِضَ عيونَها.
***
وآخر يَستَفيقَ مِن نَومِه . يَسأَل عَن وجهَتِه . .
يَستَعد لاقتراب محطته . .
كانت على مقربة منه . .
يُبَادِلُها الوقوف . .
وتُبَادِله الجلوس . .
تَضَعُ حَقيبَتَها عَلَى ساقِها . .
تُنَظم شعرها الذي عَبَثَ الهواء به
فتشابكت خصلاته . .
كتشابك خيوط القَدرِ . .
***
عجباً لهذه الحافلة وغيرها ..
تَنقل أقدارَ راكبين . .
ليشكلوا أقدار آخرين . .
لا أعلم هل سيعودون أم لا ؟
مَنْ سيُشَكِل ويَتَقاطَع في خُيوطِ قدري
ربما تقودني خطوات أقدامي
لمَن سأُشَكِل قدرهم بي
لا أعلم. .
فقط . . يقاطع الصحو أحلامي . .
أسير درباً . . أجهل ملامحه.
***
في حافلة لم يَعدْ فيها سواي
صَوتٌه قَطَعَ شرودي
محطتك الأخيرة
وصلتَ إليها
ولَنْ تَعُود
أغلقتُ عيني
وأَبتَسَمتُ
--------------