اليمام والحواجز مع فصول من السيرة الذاتية للإسكندر الأكبر
يوسف مسلم
الآخرون
ينادون عليكِ من آخرِ العالمِ
صدفةً تختزنُ الضوءَ اللامعَ فيها
فتكنسُ ظلامَ البحرِ
ومنْ حَدْقَةِ الصحراءِ الغجريةِ
أقتطعُ لكِ غراسَ الجنةِ
التي طالما حَلُمتِ بها
......
.........
...........
...............
شهدُ الملكةِ
تميمةُ عاشقٍ عربيٍّ
سحقه السفرُ
لم يكنْ للموتِ غيرُه صديقْ
هكذا ابتدأ الحياةَ
حقيبةٌ أثقلتها
قصاصاتُ الذكرياتِ الحزينةِ
وفتاةٌ داخلَ قمقمٍ
تقاسمُهُ الرحيلَ
لتكنْ هذه الكلماتُ مفتتحُ الحكايةِ
الصيفُ..
المدينةُ الخاويةْ..
مساءُ يومٍ السبتْ..
هكذا غَنّتْ للغرباءِ ماجدةْ
((آدي اللي كان
وآدي القدر
وأدي المصير
نودع الماضي وحلمه الكبير
نودع الأفراح .. نودع الأشباح
راح اللي راح
ماعدتش فاضل كتير))
وبالكاد
ألتقطُ أنينَ ماءِنا على الإسفلتِ المحمى بالعطشْ
ربما أحزنه انتحارُ الشمسِ في عيونِ عاشقيها
وربما أدركه الحنينُ إلى عروقِهم
لأنّه غريبْ
.............
.............
هل يشبهني
حصى الطرقاتِ في القاهرةْ؟!
للقاهرةِ تاريخٌ أرتضيه..
..ولا يرتضيني..
ولقلبي وجعُهُ السكندريُّ
كعضةِ العرقي
في معدةِ نوبيٍّ عجوزْ
هي الشيخوخةُ إذن
يُمْكنُها أن تستظلَ بتجاعيدِ بيتِنا
تقصفُ أسنانَ الملاكِ الحارسِ
تدعوه إلى الرقصِ
فوقَ الجباناتِ التي رفضتها
عظامُ موتانا
وأنا وحدي أنتسبُ إلى يمامِ الأسرِ
في زحمةِ الفخاخْ
............
........
هل تجيدين لغةَ الطيرِ ؟
(كريم) أخبرني أنّ أبجديتَها
تحددُ ملامحَ الأطفالِ
ليس فقط أبناءَ الصيادين
كذلك أبناءُ البسطاء
.......
............
الأغربةُ على مرمى الذاكرةِ
يروحون.. يجيئون
يتحدثون عن الصيدِ اليوم
يمنون أنفسهم بمنادمةِ العقبانِ
يقتحمون الأبوابَ السبعةَ
نحو الفريسةِ
.............
........
مباركةٌ تلك الأنثى
وهى تجمعنا حواليها
وتهدهد في آذانِنا
أغنيةَ الأمومةِ
........
............
وكان الجنديُ العائدُ من حربه
- بلا سلاحٍ وبلا ضحايا
وبلا وسام ثمين ينهش صدره -
على ممشى من الصدأ الشائكِ
.. يسيرُ ..
عارياً كان..
إلا من سلامٍ مخنثٍ..
سلام مائعٍ.. ضالٍ..
يحتقنُ بالكذب والبارود..
احتضن وردته الوحيدة
وحدّثها عن كلِّ تفاصيلِ
أمه/الأنثى:
مركبةُ من قشٍّ
وحجارةٍ
ونحاسٍ ذهبيّ
كجرحٍ في جسدِ النهرِ
تغورُ.. تحاكي لغةَ الأعشابِ
وإحساسَ الكافورِ الشائخِ
تجالسُ البطَّ ووردَ النيلِ
وقطعاناً من أفراسِ النهرِ
تطلقُ في الغيطانِ جنياتٍ
تعابثُ نوارَ البرسيمِ
ورائحةُ الطميْ حصيرٌ
يمتدُ على صدرِ الشلالِ
كأن ملاكاً يبتكرُ صلاةً أخرى
فيجازيه الله بشبرٍ
من إرمِ المستورةِ في عينيك
..........
............
..............
لكن الإسكندر دوّن في سيرتِه الذاتيةِ
1) مسعودُ الجدُ
يبسط لحيتَه فوق مياه البحرِ الأبيضِ
ويصلي
2) في الكرنك
رأيت أبافيس
ينحر أفراسَ النهرِ
ليعاقب كل المصريين
3) في صحراء الجيزة
كتب أبوالهول
اللعنة عليك أيتها البدوية
جاءت
لا تملك إلا رملاً تضربه
ونسرًا أقرع يحرسُها
تلقي إليه بفئرانِ الرغبةِ
فيصيد لها كلّ
يمامِ البريةِ
والبحرُ يهمسُ في سلام :
أحتاج إليك
في بيروت
في قبرص
في قرطاجنة
هانيبال ينهار لحمُ وجهِه
تغزوه العثةُ
ربما ارتضى
أن تأكله الطفيلياتُ
لأنه عظيمْ