ذهبَ ليحتفلَ مع صورِ الشهداءِ
شعر :
محمد دياب
شعر :
محمد دياب
.
ذهبَ ليحتفلَ معَ صورِ الشهداءِ
بذكرى مرورِ أعوامٍ من جليدِ الحزنِ على اقتناصِ الورد السماوىِّ
فى حدائقِ التحريرِ المشتعلة
فى شوارعِ الأشجارِ المتفحمةِ من أنفاسِ العيالِ الجبَّارين
وجدَ هناكَ الراقصينَ على جثثِ العصافير بأحذيةٍ منْ نحاسٍ ومسامير
والذينَ يبصقونَ على صورِ المعصومينَ من الصمتِ الوراثىِّ
ومنْ يشوهونَ أنبياءَ الثورةِ النازلينَ من العرشِ للتوِّ قرآنًا
الذينَ بعثهم اللهُ أيامًا معدوداتٍ فى أرواحنا المشتتة
وردَّهم إليهِ مخضبينَ بياسمين الدمِّ
والرصاصاتُ تستقرُّ فى عظامهم المكسرة
مدَّ يدهُ فاتحًا زجاجَ رئتيهِ للمدى
مرسلاً صرخةَ القيامةِ فى فضاءٍ أصمّ
وأخرجَ زجاجةً من الحبرِ المعتقِ الذى يشبهُ النصوصَ المقدسةَ
شربَ كأسينِ من الشعرِ الرجيمِ
ثمَّ أعطى ظهرهُ لحائطِ الميدانِ وبكى
.
كانتْ الطيورُ تطوفُ حولَ دموعهِ ؛
لتشربَ الملحَ الذى لمْ تعثرْ عليهِ فى الملَّحاتِ
راحَ فى غيبوبةٍ تامةٍ جالسَ فيها عصافيرَ الأنبياءِ الخضراء
وعانقَ فيها يماماتِ المرسلين اللائى لمِ يأتِ ذكرهنَّ فى الكتبِ السماوية
صعدَ إلى اللهِ راكبًا غيمَ دمِهِ
كى لا يبصرُ هذهِ الأشكالَ التى انقرضتْ قبلَ أن يخلقَ اللهُ الخلقَ
تلكَ التى تتلونُ فى كلِّ عصرٍ حجرىٍّ لتؤمَّنا فى صلاةٍ لمْ تفرضْ ؛
لتنامَ تحت أقدامِ الماردِ الجديدِ
تلكَ التى تتحولُ فى كلِّ عصرٍ نحاسىٍّ لتقودنا فى كلِّ حربٍ كاذبةٍ
وتلعنَ العهدَ القديمَ والجديدَ معًا
وتسمى العهدينِ بـ : الخرابَ المقدسِ
تلكَ التى تفعلُ المستحيلَ فى كلِّ عصرٍ حديدىٍّ لتظلِّ سجادةً فى القصرِ
للبقاءِ تحتَ كلِّ حذاءٍ جديدٍ أوْ قديمٍ
عائدةً لنا - منْ جديدٍ - فى زىِّ الشياطينِ الملائكة
وفى رداءِ الملائكةِ الشياطين ؛
لتبولَ على جثثِ الشهداءِ فى الشاشاتِ الصفراء
وتدوسَهم كلُّ الخنازير الأجيرةِ فى حظائر الصباحِ والمساءِ
وتلعنَهم كلُّ الثعابين العميلةِ حينَ تطلُّ منْ جحورها بانتظامٍ كريهٍ
وتصنعَ منْ جماجمهم كرةً يركلونها فى كلِّ جدارٍ موحلٍ
وتشوهَ الملائكةَ الثائرينَ فى جرائدِ العالمين ..!.
_
محمد دياب
***