الجنس الرابع أو هكذا تكلم فاوست الإعلامي
يوسف مسلم
في الشَوَارِعِ التي يَجْتَهِدُ الكَنَّاسُوُنَ
لِتَطْهِيرِها مِنْ ابْتِسَامَاتِ الشُهَدَاءِ،
أَسِيرُ، مُخَبِّئًا ظِلّي
كَبَغيٍّ تُوَاريِ فَضِيِحَتِها.
أَنا الهَارِبُ مِنْ لَحْظَةِ الْحَسْمِ
أَنْفِي يَحُكُه الإسْفَلتُ،
وعَيْنَاي تَغْمِضَانِ على الِملْحِ وَالشّوْكِ.
أَتَوَكأُ عَلَى نَابِي المُسَوّسْ
تَنْدَلِقُ مِنْ شِدْقِيِ وُجُوهُ اليَتَامىَ
وَصَمْتُ الأُمَهَاتِ الثَكْلَى
وَمَلاَيِيِن الثَوَرَاتِ المُبْتَسَرَة
رُكْبَتَايْ تَعَلَمَتَا كَيْفَ تُبَرِرَانِ لِي
الزّحْفَ عَلَى بَطْنِي كَمُخَنّثٍ
كَيْ أَتَجَنَبُ مَكَانِسَ الْمَارشَالْ
كُلّمَا جُرِحْتُ
أَنْزِفُ دَمًا أَخْضَرَ
لِكَثْرَةِ مَا أَكَلْتُ عَلَى مَوَائِدِ البِتْروُدُولَارْ
فِي البِدْءِ
لَمْ أَكُنْ بُوقًا وَلَا صَاجَاتٍ مِنْ النُحَاسِ
تَصْطَخِبُ بِمَارشَاتِ فَاشِيِسْتِيّة
بَلٍ كُنْتُ نَايًا
يُرَقِّصُ الدَرَاوِيِش فِي حَلْقَاتِ الذّكْرِ
وَغُصْنًا مُحَمَّلاً بِالبُرْتُقَالِ
يَتَسَتّرُ عَلَى القُبُلاَتِ البَرِيِئةِ
حِيِنَ يَفْضَحُهَا اكْتِمَالُ القَمَرْ
وَلَمَّا تَذَكَرتُ جُوعِي
وَنَسِيتُ الجُوعَ الصَّارِخَ فِي الشَوَارعِ
بدَّلتُ قَصَبَ النايِ بِقِطعةٍ مِنْ حَدِيدٍ
وَهَوَاءَه بالكَهْرَبَاءْ
نَزَعتُ عَنِ الغُصْنِ بُرتُقَالَه وَأَوْرَاقَه
فَانْكَشَفَ المُحِبُون للسعاتِ شَمْسِ الظَهِيرةِ
وَتَفَتقَ جِلديِ
ليُخْرِجَ للمدينةِ قَبَائِل ضِبِاعْ
صَارَ المَيْكرُوفُونْ
إِصْبَعَا سادسَا فِيِ كَفّي
يَعضُّه القيحُ
وبِالرُغمِ مِنْ ذَلِكْ
لَا أسْتَطِيعُ بَتَرَه
فأَنَا بَعْضُه ..
.. وهو كُلّي
هَكذَا وَقّعتُ مَعُه عقدًا
ممهورًا بالنفطِ والدمَ
مثبتٌ في بَطاقةِ هُويِّتي:
لا ذكرٌ ولا أنثى
ولا حتىَ ليدي بوي
أنا جنسٌ رابعٌ
الخبثاء في الحارات
يتَضَاحَكُون سرًا
على قَرْنَيْن برزا في رأسِي
وحينَ أهتفُ باسم المارشال
يفرّوُن كالبعوضِ
وَمِثل صلاةٍ تتلى على المذبحِ
أتمزقُ رعبًا كشيطانٍ
حين تُوَاجِهُني ابتساماتُ الشهداءِ
