بــاولـيـنا
يحي قدري
يمر عليا قبل سفره بيوم ، يجدني نائما، يترك رسالة على المكتب " الطبيب المصري هو ذلك العبد الذي يقدمه نخاس التنسيق للحكومة لتبيعه لوزارة الصحة بثمن بخس دون بئر أو أخوة أو ذكرى ليعقوب .. وإن تطورت الأسطورة يصير كافورا يتاجر في آلام كل من استعبدوه ويبدأ بأهله "
أعلق الصدمة نصب عينيّ في العناية المركزة وأتذكر قوله " مفيش موظف حكومه بيتفصل .. انا انقطعت عن العمل 7 شهور وخدت تلات ايام جزا بالراحه على نفسك "
أراقب مؤشرات المرضى على الأجهزة بملل ، يقئ أحدهم دما ويفك قسطرة البول في عنف .. يختلط اللونين ، أكاد ان أتقيأ يطلب مني مديري الرحيل .
أفيق على نداء متكرر في موقف رمسيس" منصوره منصوره " والسيارة لاتحمل ركابا غيري، أكتشف إني نمت ساعة دون أن يحدث جديد
أجد أن ثلاث سيارات تنادي منصوره سويا يشتبك الجميع لأسباب مختلفة يتفقون على سب الثورة
أدفع ثلاثة أضعاف الأجرة لأنام ، أنظر للجدران أجد حكم العسكر زي السكر / الشرعية للبرلمان والزبالة في الميدان
أبصق بين قدمي
أتذكر رسالة أمي أثناء أحداث عمر مكرم هاتموت لمين .. محدش سامعكو ؟
أتردد أن أخبرها أني كنت اليوم أعلن وفاة كهل تحت تهديد الآلي وأمام ثلاثين مسلح في الشارع وأن زميلي نال شقا في صدره بالمطواه وآخر طعن بعنق زجاجة أما أنا فخشي الجميع التطاول علي ربما لثقتي بنفسي التي لا أملك غيرها .. أصبحت أسطورة المستشفى يسلم عليا العمال يكرمني الأطباء تتناوبني الممرضات .
لم اكن ماكرا كفاية لصناعة أتباع .. يكرهني دائما من هو أقدم مني في نفس العمل أصر على تغيير فكرته يتصيد لي الأخطاء ، يغيّر أسامي المرضى خلسة فيحصلون على علاج خاطئ بيدي ، يموت ثلاثة .
لا أخشى الموت هذه الأيام وليس عندي أي ذريعة للبقاء أو الندم فهي لم تكن سوى سيدة الليلة العابثة ولن تزيد ، وأنا لم أحب أحدا ولن أزيد .. كلانا مقامر بدون رصيد ويُحسن البيع لصالح الغير.
أوقن أن من أقابلهم هذه الأيام هم صنيعة يد الله ولكن من طين صرف مراحيض موقف عبود فكل ماينطقون ملطخ بالنشادر والشحم اللزج والزيوت العفنة الملونة .. فلتكن مشيئة الله في وجودهم لكني لا أجد رغبة في رؤية الخراء أمامي كل صباح.