زرنا موتانا في يوم العيد
| |
وقرأنا فاتحة القرآن، وللمنا أهداب الذكرى
| |
وبسطناها في حضن المقبرة الريفية
| |
وجلسنا، كسرنا خبزاً وشجوناً
| |
وتساقينا دمعاً و أنيناً
| |
وتصافحنا، وتواعدنا، وذوي قربانا
| |
أن نلقى موتانا
| |
في يوم العيد القادم.
| |
يا موتانا
| |
كانت أطيافكم تأتينا عبر حقول القمح الممتدة
| |
ما بين تلال القرية حيث ينام الموتى
| |
و البيت الواطئ في سفح الأجران
| |
كانت نسمات الليل تعيركم ريشاً سحرياً
| |
موعدكم كنا نترقبه في شوق هدهده الاطمئنان
| |
حين الأصوات تموت،
| |
ويجمد ظل المصباح الزيتي على الجدران
| |
سنشم طراوة أنفاسكم حول الموقد وسنسمع طقطقة الأصوات كمشي ملاك وسنان
| |
هل جئتم تأنسون بنا؟
| |
هل نعطيكم طرفاً من مرقدنا؟
| |
هل ندفئكم فينا من برد الليل؟
| |
نتدفأ فيكم من خوف الوحده
| |
حتى يدنو ضوء الفجر،
| |
و يعلو الديك سقوف البلدة
| |
فنقول لكم في صوت مختلج بالعرفان
| |
عودوا يا موتانا
| |
سندبر في منحنيات الساعات هنيهات
| |
نلقاكم فيها، قد لا تشبع جوعاًن أو تروي ظمأ
| |
لكن لقم من تذكار،
| |
حتى نلقاكم في ليل آت.
| |
مرت أيام يا موتانا ، مرت أعوام
| |
يا شمس الحاضرة الجرداء الصلدة
| |
يا قاسية القلب النار
| |
لم أنضجت الأيام ذوائبنا بلهيبك
| |
حتى صرنا أحطاب محترقات حتى جف الدمع الديان على خد الورق العطشان
| |
حتى جف الدمع المستخفي في أغوار الأجفان
| |
عفواً يا موتانا
| |
أصبحنا لا نلقاكم إلا يوم العيد
| |
لما أدركتم انا صرنا أحطاباً في صخر الشارع ملقاة
| |
أصبحتم لا تأتون إلينا رغم الحب الظمآن
| |
قد نذكركم مرات عبر العام
| |
كما نذاكر حلماً لم يتمهل في العين
| |
لكن ضجيج الحاضرة الصخرية
| |
لا يعفنا حتى أن نقرأ فاتحة القرآن
| |
أو نطبع أوجهكم في أنفسنا، و نلم ملامحكم
| |
ونخبئها طي الجفن.
| |
يا موتانا
| |
ذكراكم قوت القلب
| |
في أيام عزت فيها الأقوات
| |
لا تنسونا .. حتى نلقاكم
| |
لا تنسونا .. حتى نلقاكم
|
الرئيسية »
صلاح عبدالصبور
» زيارة الموتى | صلاح عبدالصبور
زيارة الموتى | صلاح عبدالصبور
Written By Unknown on الثلاثاء، 8 يوليو 2014 | 1:11 م
0 التعليقات