أسامة بدر
أعرفُ
كنتُ أرتكبُ جريمةً ما بهدوء
غالبا
كنتُ أخنقُ وردة بين دفتي كتاب
وأرى روحها تصعد عبيرا ، أو دما
أو كنتُ أضع قلباً في كوب ماء
وأذيبه مثل دواءٍ للزكام
ثمة جريمةٍ كنتُ أرتكبها الآن ،
ربما كنتُ أدوس بقدمي الثقيلة على شاطئٍ
فيرتعش البحر
هذه ليست جريمة أبدا
فليس بيني وبين البحر مودة ، أو صداقة
ربما ثأرٌ دفين
مرة حاولت التودد إليه
ومشيتُ فيه خطواتٍ قليلةٍ
شدني في بطنه ، وملأني بالملح
عشتُ سنوات كغريقٍ لديه
حتى طعنته بخنجرٍ كنتُ أُخبئه في قلبي من طعنةٍ قديمةٍ
وعدتُ معلقا بطائر نورس كان عائدا من نوبة حراسة
ثمة جريمة أخرى لا شك
بالأمس
كنت أسرق الضوء النازف من عواميد الإنارة
في طريقي للبيت
أعرف أنه دم الكهرباء
ولكن جدران غرفتي بلا نوافذ ، ولا مرايا
فكرت لو رسمت شجرة في الجدار ، وغيمة فوقها
وألقيت عليهم الضوء
ربما تظهر نافذة ، فأرى الشمس مرة أخرى
وحين أمطرتْ الغيمةُ ،
ونبتت شجرةٌ ضخمةٌ ،
تَهَدّمَ الجدارُ
فوجدتني على فوهة بركان
كانت النار سائلة ،
والفقاعات تبدو كأنفاسٍ أخيرةٍ لغريق
حاولت اصطاد شيء بينما انتظر
ألقيتُ سنارتي معلقا بها عمري كاملا كطعمٍ
وانتظرتُ فعلا
كلما تحرك الخيط انتبهتُ
وكمجرمٍ متلبسٍ لا أعرفُ
ماذا قد يخرج لي الآن ؟!
ثمة جريمة تلاحقني
حتى وأنا ألقي بنفسي
خلف سنارتي التي ابتلعها البركان
وبطرفها
كل ما تبقى لي من وقت