إعلان

الرئيسية » » يــــــــارا | محمد رياض

يــــــــارا | محمد رياض

Written By هشام الصباحي on السبت، 12 يوليو 2014 | 4:01 م


يــــــــارا
إلى يارا سلّام ورفاقها
محمد رياض
.................
اطردينا من الساحات
أعيدينا إلى الأزقة والحقول
ملطّخين بفحم التواريخ ودخان المعارك
الزنزانة أوسع من حيواتنا
وأنت لا تنتمين سوى للهواء.
....
أيتها الزهرة المتقدة:
دعينا نرتّب أوراق الشقاء والتشرد والنضال والكآبة
نعد أسناننا المتآكلة من الدخان وطنطنات المقاهى 
دعينا نخبّئ رغباتنا 
من أجل لصوصٍ أكثر جدارة منا
لم نكن ثائرين، ولا عشاق، ولا قديسين، ولا مجرمين، ولا بشر
أشباه وحوش مموهة نحن
نتاجر بأوجاعنا الباردة القديمة
ويكنس التاريخ العجوز عظامنا المبعثرة
على أرصفة التثاؤب.
....
وأنا شاعرٌ وشهيد، شجاعٌ ومتردد، عاشقٌ ومشتعلٌ بالكراهية، عاصفةٌ من الجنون والغناء والكتابة، حياتى تغريبة يؤججها التعصب، ولدىّ من العبوّات الحارقة والقصائد ما يكفى لكى أقاوم، لكى أنتصر، وأرشق أقلامى فى أعين القضاة والحرّاس.
لكننى لن أصل إلى عينيك
أبلع انتصارى البائس، يسوقنى الرفاق إلى معسكر الخيبات، بلا أنواط ولا أوسمة، تفر القصائد التى ربيتها بدمى، ولا أقوَ حتى على الضراعة: انتظرن لكى تعدنها إلىّ، إيقونتى تلمع فى الأعين الغليظة للمحقّقين، وتنطفئ كل يوم
تحت
تواقيع
الشهود،
ونقاط الاتهام.
.....
هى الفتاة القصيدة، وأميرة القصص البعيدة فى دمى، والوردة التى لوّحتنا بعبيرها اليقظ، وكبريائها الذى لم يعرفنا حق المعرفة
نحن المتعاركين بلا هدف
مدمنى الوقاحة، ومروجى الشائعات، والراقصين على الهواء، ممثلين بلا حضور، نصطنع مآسينا بإرهاق لتصفق الأشباح.
نحن المناضلين الحمقى
تنازلنا عنك للأوباش واللصوص والمغامرين
ونسينا أن نطبع وجهك
على البوابات والحواجز.
.....
وسط كل الساحرات فى مدينتنا
أنتِ الوحيدةُ التى تعرّينا
الوحيدةُ التى تذكّرنا بالسياط
الوحيدةُ التى تجدّف عكس اتجاه الخزى
ضد وجودنا المؤجل للنهاية
ضد أحلامنا وهى تحيا على المواء والفتات
كالقطط الكسولة فى المقاهى.
....
من يعطيها سريرا، وأمنحه غابة من حروف؟.
من يغنّيها، وأهديه القصيدة؟
إذا عذّبوك كيف أخبّئ عارى، وثورتى مهشمة الملامح؟
كيف أُسكِتُ دمدمةَ المعارك فى رأسى
وألعنُ أسلافى.. أنا المتفجّر بالخسارة؟
كيف أكتب شعرا لعينيك
وأنا أخاف المرافعة والاتهام 
المنصة والحرّاس والسجن والعدالة؟.
كيف لا أموت
وكل طلقة فى عهدة الجنود
مرشحة لاختراق أفكارى وأوردتى؟.
إننى أضيع، أتعالى، أنفق دمى بسخاء، وقد أبيع روحى من أجل نزهة فى الحدائق، من أجل قطّة تنزف، لست متعاطفا مع الكائنات إلا بقدر تعاطفها معى، وأتشاجر مع الكلاب التى تكرهنى.
إنسانىٌّ بلا وطن
صوفىٌّ أملك العالم الذى يمتد بلا نهاية
لكننى أسيرُك أيتها الطائشة كـ"النسور الصغيرة"
أريد أن أضع طفولتى عند قدميك
أن أقبّل أطراف شعرك الحرة،
وأركع كقطيع عبيدٍ بلا غفران أو عقاب.
متنازلا عن قضيتى ونزقى وضياعى الشاعر
مقابل عينيك العميقتين كالأساطير
مقابل ضحكك الشاب
الذى ألمح فيه حريتى.
.....
أخذوك 
من أجل أن تجوسَ المدرعاتُ حرةً فى شوارعنا
من أجل أن تحاصرنا الأسلاك والبوابات والجدران
من أجل أن يلعب أطفالنا لعبة الحواجز
وسط هتاف الجنود 
ولعلعة البنادق.
.....
أيتها المضيئة كتفاحة ذهبية
كحواءَ محرّضةٍ على العصيان والتناسل
أيتها الجنّية التى روّعتنا
لا تكبرى فينا
ابتعدى عن قصائدنا المحاصرة حتى فى الهواتف
لا تعترفى بنا فى دفتر الأحوال
يا أميرة الأقراط والحقائب
واطمئنّى لهزيمتنا الأكيدة كمتسولين فى الشوارع
لتآكلنا الذى لا يعرف المناورة
وضياعنا المسكوب على الموائد.
اطمئنّى لأحلامنا المتجمدة فوق صخر الشهوات
يا وردة العصور
اطمئنّى
الكآبة تحرسنا بإخلاصٍ منذ بداية الزمن
وأعمدة الخضوع القديمة
لن تهدمها المدافع
والأمطار
والسنوات.
.....
تهجرنا الحبيبات إذا لم تغفرى لنا
كالضوارى نتعارك من أجل سيجارة ودقيقة للحديث
ويضرب الصخب أفكارنا كالعواصف
إننا عاجزون عن الطموح، وعاجزون عن الهتاف، وعاجزون عن الموت
ضائعون فى زحام المطالب المنزلية
وزمجرة البائعين.
ارفعى وجهك لكى تهدأ الكوابيس التى تعذّبنا 
أديرى عينيك لنعرف هل بإمكاننا أن نعيش
لحظة من النقاء والحقيقة. 
....
أهدرتُ حبرىَ فى المشاحنات 
وأضاعنى أهلى فربتنى القصائد
أنا طفلها منذ البداية
لكنها أطلقتنى لليل والبطالة
للعربات المخمورة والكلاب والتحريات 
شوّهتنى لكى لا تعرفى وجهىَ فى الزحام
أنا المشرّد تحت أقدام التماثيل
أتسوّل الحروف من العابرين
لأصنع بها عقدًا لحريتك.
....
كتبت على التراب والجدران والمعادن
على مقاعد الحافلات وشواهد القبور
الخوذات والدروع والمدافع
كتبت بالحبر وبالمسامير
بالدماء وهى تلوث شفرات الحلاقة
كتبت وأعلم أنه ليس زمان الدهشة
والملاحم
والقراءة.
هذه السنوات أقل من انتفاضتى
أقل من بلاغة القتل وأنا أناضل ضد عينيك
أقل من نزقى
ومن جحيمى المضطرم بالمجاز.
....
واستعدى لضياعى الضّارى
يا مروّضة اللغات والأقمار
تقبّلى حريقا من الضعف والفشل والصور والعبارات 
وتهيّأى لتفجير القصائد
فى جسمك الصغير.
لا تسألى أين كنتُ؟، ولماذا أضعتُ دبابيسَ شَعرِك
وأمشاطَك،
والقِرطَ الذى يشبه اللؤلؤة؟.
لماذا وقفتُ وهم يجرّون أحلامك
كما يجرّون كلابهم الأنيقة فى الحدائق؟.
وكيف تصوّرتُ أن العساكر يحملون الزهور للأمهات
وأن السماء تمطر أعلامًا فوق الجموع؟.
....
ستبقين هنا
حتى لو تآمروا لغيابك
وحرّضوا ضدك كل القطط
وأسكتوا الشعراء.
ستخرجين من ضعفىَ امرأةً ناضجةً بالشعر والقبلات 
ولن تضيعى مثلى يا أخت النبيذ والجنون
أو أفقد أثرك فى زجاج النوافذ.
أنت آخر النساء فى وطنى
والعالم لم يعد يثير تأملاتى
وشغفى
وكراهيّتى.

التعليقات
0 التعليقات

0 comments:

إرسال تعليق

نبذة عنا

Restaurants

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Travelling Diaries

Entertainment

Technology

Restaurants

Travelling

Entertainment

Technology

تسمية 4