زئيرُ الغَسَقْ
ظلّي متخشّبةً تحتَ الشمع خلفَ زجاج الدكاكينْ، نامي على بَطْنِكِ في دعايةِ النّومْ، تكثّفي في جَسَدِكِ المَحرومِ كثيرًا، ربّما.. ربّما تستيقظينَ يَومًا فلا تَرَين وجَهَكِ أبدًا، ربّما تقومُ القيامةُ الراكدةُ في رأسِكِ، يا عاشقةَ الأطرافِ السّهلة، والألوانِ السّريعة! ليسَ هنالكَ حلٌ وَسَطٌ لأنّني قضمتُ طرفي الجدار، لا وَسَطَ لأنهُ لا أطرافْ. أينَ ستشدّينَ رداءَكِ دفعةً واحدة، من الخَصْرِ، وتقفينَ عاريةً على النّور، عاريةَ كإلهةٍ في السهل ، كأنتِ!
يا عبدةَ الجمالِ، لقد عبأتُهُ بصرّتي كلّهْ، لملمتُهُ كما تلمّينَ فراشَكِ عليكِ مساءًا، وتنامينَ بدعّة. وجدتُهُ عتَبةً إلى الشّيءِ،بعدَ الخوفِ و قَبلَ الخواء. يا امرأةَ ألا تعرفينَكِ؟ أنتِ خواءٌ لازِمٌ، أنت العَدَمُ نفسُهُ، يا سفيرةَ الصّمتِ، هل عميتِ عنكِ؟ يا مقدّسةَ الطّريقِ، شبّي قليلا لتري إشكالَكِ العويص، كوني شاعرةً لبضعَ دقائقَ واشهقي بصدقْ، حققي حلمَ رامبو (1) قبلَ أن أموتَ فيكِ، سأموتُ فيكِ. احكِي لي عن خوفِكِ والغَرَقْ، يا سمكةَ البَحرْ، خبّريني بروحِكِ ما يفعَلُ حَجَرٌ مُلقىً على الشطّ، منحوتٌ بالملحِ والنسيم، ومسكونٌ بألفِ كائنٍ صدفيّ يتركُهُ نهارًا ويعودُ في الليل. قولي يا كافورةَ التلّة، لماذا تعودُ الاغربةُ إلى أعشاشِها. كأشجارِ المدينةِ اصرخي خفافيشَكِ حولَ رأسي في دوّامةٍ أبديّة، أعرفُ الصّفيرَ الذي يؤججُ عماها فأرسليها.
______________
هامش
1- "هؤلاء الشّعراء سيكونون! عندما ينتهي استعبادُ المرأةِ الأبدي، وعندما تحيا هي من أجلِ ذاتِها و بِذاتِها، و يكون الرّجلُ-هو الشّنيعُ حتى اللحظة- قد وهبَها انطلاقتَها، فستغدو شاعرةً هي أيضًا! ستعثرُ المرأةُ على المجهول! هل ستختلفُ عوالِمُ تفكيرها عن عوالمنا نحن معشر الرّجال؟- ستكتشفُ أشياء عجيبة، متعذّرةً على السّبْر، منفّرة أو عذبة، وسنتلقّاها نحنُ و نفهمها." رامبو-رسالة الرائي